هل ممكن أن يتفوق حيوان على إنسان في الأدب؟

من يسمع أو يقرأ هذا السؤال لأول وهلة يستغرب بل ربما يستنكر لعلمه أن الإنسان له أحاسيسه ومرئياته وتصرفاته الإنسانية فالإنسان عرف آداب المجالسة والمحادثة والاستماع من خلال قراءته لكتاب الله وعلمه بسنة رسول الهدى صلى الله عليه وسلم الذي لا خير إلا دلنا عليه ولا شر إلا حذرنا منه أو عنه .

وبعض الحيوانات قد يتعلم بعضا من الآداب حينما يحرص صاحبه أو مقتنيه على تعليمه شيئا من هذا ولا غرابة ونعلم أن الله سبحانه أمرنا بالاستئذان قبل دخول بيوت الناس (يا أيها الذين آمنو لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسنموا على أهلها — ) (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الاستئذان ثلاث، فإن أُذن لك وإلا فارجع) ) وكل بيت له حرم وكما للمبني حرم فللخيمة أيضا حرم كما في بيوت أهل البادية والانسان أي إنسان حينما يخرج بنزهة خارج المدينة وينصب خيمته فلا شك أن لتلك الخيمة حرمة وحرم وحينما يأوي إليك إنسان لأمر ما أجزم أنه لا يجوز له أن يقف أمام خيمتك قبل أن يستأذنك كما في الحديث والاستئذان يجب أن يكون على بعد في هذه الحالة حفاظا على عورات الناس فما بالك من رجل يقف جوار خيمتك فجأة وعلى بعد لا يزيد عن3 أمتار أليست تلك جرأة تقتحم الآداب الإسلامية وتمتهنها وبيت القصيد.

خرجت عصر السبت 7 القعدة لنزهة مع زوجتي ونصبنا قطعة قماش لتخفيف حرارة الشمس وبعد تناولنا غذاءنا بقينا نتجاذب الأحاديث ونرتشف القهوة والشاي وفجأة ونحن غافلين فاذا بشخص يقف بسيارته جوارنا وينظر وكأنه هاجم على مروجي مخدرات وبدون سلام ولا كلام ويسلط نظره تجاهنا متلثم بلثام كورونا 19 فالتفتت المرأة ورأته مستغربة تصرفه قائلة ( بس كذا ) يعني بلا سلام ولا كلام تقف أمامنا وتقتحم حدودنا الآمنة فرد قائلا (وأنتم بس كذا) لا أعرف هل قال هذه العبارة سخرية أم أنه احتار باختيار الرد أو أنه تلعثم لسانه ونظرت اليه نظرة ازدراء واستنكار وكنا جالسين بمخطط جديد لايزال العمل جاري به بحي النظيم .

وحملق عيونه من خلف النظارات تجاهنا ثم سار إلى داخل المخطط هنا أجزم أنه تجاوز كل معنى للآداب والتي قد تحلى بها كلب أتى إلينا بنفس الوقت وكان يسير على بعد عشرة أمتار عنا إن لم تزد وكل ما مشى حوالي خمسة أمتار يلتفت إلينا بهدوء وكأنه ينتظر منا أمرا ومن ثم عاد مرة أخرى تبين لنا أنه عطشان فسكبنا له ماء بإناء فشرب ثم عاد من حيث أتى حقا إنه عطشان .

والخلاصة ألا يتضح من هذا الموقف أن الكلب التزم الآداب التي تجاوزها الرجل وبدى لنا بعد أن دخل المخطط أنه لابس سدرية فسفورية خضراء قد يكون مساحا أو حارسا على هذا المخطط ومهما يكن فقد أساء الأدب علما أنني رجل مسن ولو كنت في عنفوان شبابي لرميته بما هو قريب مني من الرمل والحصباء فاقبح بهذا الرجل وأنعم بهذا الكلب فانتبهوا يا من تحبون النزهة من مثل هذا التطفل والتصرف ألا أخلاقي.